
صرخة الروح وحبيب الروح
الشاعر عصمت دوسكي بين الصرخة والحبيب
أحملُ على كَتِفيَّ طفولتي
وذاكرَتي
حينًا طفولتي أبثُّها شوقي
حينًا ذاكرتي
أسْتَدعيها للمحاكمةِ
وأسألُهما معًا –
كيف للتُّرابِ والماءِ
يَصِيرانِ شَجرَةً ؟
وكيف صارا
في غفلةٍ منَ الزَّمنِ
امرأةً ورجُلًا
في جنَّةٍ موعودةٍ ؟
ما سِرُّ الهواءِ يُداعِبُ شَعْرَها
وعلى أوتارِ جَسَدِها
يلعبُ ؟
بِتُّ في قناعةِ أنْ
ليس لغيرِ الأبجديَّةِ حُضُورٌ
في مواجهةِ الموتِ
هذا _
وليسَ لغيرِ الشَّفتينِ ضِفَّتا نهرٍ
تناجيانِ مرامي امرأةٍ كانتْ
للحروفِ سريرًا
قلتُ للعاصفةِ –
لأجلكِ كنتُ هديرَ بحرٍ
لأجلِها كتابةً صرتُ
صارَ الغيابُ حضورًا
حين كاد يهرُبُ مع أوجاعي
قلتُ للقَمَرِ _
إلعَبْ على مَرامي عينيها
وإنْ صفوةً شِئْتَ
لَمْلِمْ غدائِرَها وَنَمْ
في هناءَةِ نهديها
حقَّها ان تعترضَ
لكَ ان تقبلَ
أو ترفَلَ …
ما هذا الحُبُّ
عنيدٌ في رفضِهِ قابلٌ
في انصياعِهِ
حين يرضخُ الجَسَدُ
لأوراقِهِ اليانعة ؟
ما هذا الحُبُّ
بين مدٍّ وجزرٍ
يكنسُ الغُبارَ كأنْ
بدايَةٌ ولا نهايه ؟
ما بالُ عاشقَيْنِ مأخوذينِ
يبُثَّانِ اللواعجَ على انبساطِ الماءِ
وفي بُحَيْرَةٍ رجوناها رأفةً بنا ؟
لماذا لِفجرِنا
ما ان يأفُلَ حتى يعودَ محمَّلًا
برغائبَ تطفو على وجهينا ؟
سألتُ القمَرَ –
هل جنَّةٌ خارجَ الحبِّ ؟
_ آدمُ لا تيأسْ
لا جنَّةَ خارجَ امرأةٍ
عرضَتْ جَسَدًا للوِحامِ
لا تاريخَ خارجَ الجنسِ المقدَّسِ
الطَّامعِ بامرأةٍ ما رأتْ
بغير جغرافيَّتِها
مكانًا للسَّكَنِ
يا امرأة !
جَسَدُكِ قيثارةٌ
والعزفُ عليهِ لذَّةٌ حتى الموتِ
وانا
طردتُ عقلي أسبحُ
في مائِكِ العاشقِ
أنتشي ؟
نَعَم
لا أمَلُّ
لا أشبعُ
نُصْبَ عينيَّ غِشَاءٌ
سبيلُ ولادةِ الحياةِ
لا إثْمَ
لا مَعصِيَةَ
طالما الحِبْرُ
يمسحُ الخطايا
… وطالما في يدي قلمٌ
جَسُدُكِ حبري وأوراقي
وجراحُ أوردتي
كوني الأرضَ
فضاؤكِ انا والمَطَرُ الهَاطِلُ
على سُفُوحِكِ المُتَرَامِيَة
يا امرأة !
أنا الأسئلةُ
كوني أجوبتي والبئْرَ
يَزُلْ عطشي
سواءً كنتُ في وحشةٍ
أو في إنسٍ
رمِّمِي أنقاضيَ على انسِيَابِ
لُعابِكِ الشَّافي
قبلكِ _
لا اسْمَ لي
بعدكِ جميعُ الأسماءِ
قبلَكِ _
عدمٌ
بعدكِ التَّكوينُ عَمَّ
مساحاتِ الأرجاءِ
قبلَكِ –
لا أبجديَّةَ
بعدَكِ جميعُها في كتابٍ
قُلْ لنفسِكَ آدمُ _
هل من كتابةٍ
لغيرِ امرأةٍ عاشقةٍ ؟
ثمَّ إهدأْ _
كلُّ الكونِ كان ليكونَ كتابَها
وأنتِ أيَّتُها الأبجديَّةُ
لن تكوني ما لم تَسبحي
في أمواجِها
إهدأْ أيُّها العاشقُ
مهما فعلتَ
مهما كتبتَ
أنتَ في بدايةٍ
ولا نهايه ..
