
قرب إحدى محطات القطار قبضت الشرطة على رجل خمسيني يحمل بيده سكينا كبيرة .
كان يلوح بها في جميع الاتجاهات و هو يردد : مت ، مت ، أنت أيضا مت ، مت أيها الخسيس، مت ، موتوا، سأقتلكم جميعا .
رجل نحيف ، شاحب اللون ، تظهر في عينيه المتعبتين اللتين تغطي اسفلهما هالات سوداء علامات الهلع و الخوف .استسلم للشرطة دون مقاومة .
اقتادوه مقيد اليدين إلى قسم الشرطة بعد أن انتزعوا منه السكين .
بعد سؤاله عن اسمه و عمره و سكنه و مهنته سأله المحقق في قسم الشرطة عن سبب حمله السكين و هو أستاذ و مثقف .
أجاب بتحد و هو يلكم الهواء حوله أنه كان يطعن أعداءه .
استغرب المحقق من إجابته: أي أعداء ؟ عم تتكلم ؟
- عن أعدائي يا سيدي قالها و هو يلكم الهواء و يركله .
متمالكا نفسه قال له المحقق : لقد كنت لوحدك قرب المحطة و بيدك سكين تلوح بها . لم يكن بالقرب منك أحد ، أنا ما زلت احترمك لكونك أستاذ و مثقف.
أجاب الرجل بلكنة المتحسر و هو مستمر باللكم و الركل: سيدي كان عشرات الأعداء يحيطون بي و يريدون قتلي . - توقف عن هذه الحركات ، يبدو أنك تتظاهر بالجنون إن لم تجاوب سأغير اسلوبي معك.
- سيدي المحقق لقد أجبت على سؤالك .
بغضب سأله المحقق: توقف عن توجيه اللكمات للهواء و لا تتغابى ، لم ير أفراد الدورية أي أحد يعتدي عليك فعن أي أعداء تتحدث؟ - إن المرء بالكاد يعرف أعداءه و يراهم فكيف له أن يعرف أعداء غيره و يراهم .
و هو يتمالك نفسه سأله المحقق : هل تسخر مني ؟
الرجل : لا يا سيدي ، أنا لم اسخر من أحد منذ ولدت ، فلماذا اسخر منك ؟ - تأمله المحقق مليا ثم سأله : ألا تعلم أن حمل سكين مخالف للقانون و يستوجب الحبس ؟
- أعلم أنه ممنوع يا سيدي لكني لست مجرما أنا ضحية أدافع عن نفسي ، هل تريد مني الجلوس فاردا ذراعي و هم يطاردونني ليقتلوني ؟
- حسنا ، من هؤلاء الذين يحاولون قتلك ؟
- أعدائي يا سي …
قاطعه المحقق: أي أعداء أيها الغب…. ؟
مقاطعا المحقق قال الرجل : أعدائي و للأسف الشديد بدلا الإمساك بهم و بدلا من القبض عليهم قبضتم علي . - إن ذكرت كلمة أعدائي مرة أخرى سأجعلك تندم على اليوم الذي ولدت فيه .
- أمرك سيدي.
- هل تتهمنا بالتقاعس عن ملاحقة القتلة و المجرمين؟
- لا اتهمكم و لكنكم ربما لا تستطيعون القبض عليهم
لأنهم أكثر منكم . - انت موقوف قالها و صاح على المساعد ثم طلب منه ايداعه الزنزانة .
- قبل ايداعي الزنزانة لدي طلب يا سيدي .
- أي طلب ؟
- أريد أن تكون سكينتي معي .
ابتسم المحقق بسخرية و سأله : و لماذا تحتاج السكينة ؟ - لأحمي نفسي من أعدائي .
بضحكة قال له المحقق : لا تخشى شيئا نحن سوف نحميك . - لكنكم لن تستطيعوا حمايتي .
- وظيفتنا حمايتكم .
- لكنكم لم تقدروا على حمايتي لذلك حملت تلك السكين .
- لا تتفلسف علي .قالها المحقق و التفت للمساعد الذي حضر
: خذه .
امسك المساعد الرجل من ساعده الأيمن فيما هو كان مستمرا بالركل و لكم الهواء بيده اليسرى و أخذه و أودعه الزنزانة .
بعد منتصف الليل فيما كان المحقق نائما رن هاتفه
رفع السماعة ليسمع صوت المساعد يخبره أن الرجل الذي كان يلكم الهواء و يركله قد مات في الزنزانة .